Pages


Saturday 27 April 2013

عاش يا دبابة .... ثقافة الرياضة في مصر




إن كنت أحد زوار الجيم، فأنت من محترفي كلمة "عـــاش" التي تتبعها أي صفة خرافية، حماسية مثل: وحش، دبابة أو تايجر " نمر يعني" و لكن للغة الإنجليزية مكان في الجيم. و إن لم تكن من زوار الجيم  فإن في حياتك أو شلتك شخص ما يذكر كلمة "الجيم" أكثر مما يذكر المدرس كلمة فاهمين. رايح " الجيم" .. و أنا في "الجيم" ... إلخ. فأنت عزيزي القارئ تتعامل مع الجيم نفسياً أو فزيائياً بشكلٍ ما في حياتك اليومية. فإن الجيم يقدم للبعض مساحة واسعة للتفاخر و التباهي، في الواقع قد يكون الشكل و التباهي هو دافعك للجيم في الأساس. إنه ليس من حقي أن أمنعك من التفاخر أو أقوم بالتعليق علي ما تفعل، فقد تكون فورما و جامد فعلاً. و لكن قد تحتاج الرياضة منك  رؤية مختلفة، رؤية أعمق من القشرة التي نقف عليها. هنا تتوالي الأسئلة هل للجيم علاقة بالثقافة الرياضية في مصر؟ و ايضاً ما هي المُكملات الغذائية أو supplements و طبيعة إستخدامها . إن المفاهيم المتعلقة بالمفهوم الرياضي في الشخصية المصرية هي ما يجب أن نضعهُ في بؤرة الضوء.

إن الرياضة مفهوم يتطور بتطور البشرية. دائماً ما وَجد الإنسان ذاته في التنافس و الحركة و المُتعة الرياضية، و بما أن مصر كانت مكاناً للتطور البشري التاريخي فكذلك كان للرياضة وجود واضح حتي في النقوش الفرعونية، و لكن لم نتتطور رياضياً بشكل واضح هنا في مصر الحديثة لا أدري لماذا؟ و لكن من السهل عليك سيدي القارئ أن ترى أن مصر موقفها الرياضي ضحل أو مشوه ماعدا بعض الفلتات التي تنجو بنفسها من التشوه الرّياضي المصري( الرياضة ليست كرة القدم و حسب)، تستطيع المقارنة بين مبارة كرة سلة في الدوري المصري و مباراة في الـNBA،و لن تحتاج إلي قوة ملاحظة لمعرفة الفرق. لن أتعمق في الفشل المؤسسي للرياضة في مصر علي أي حال.و لكن رغم هذا الضباب الذي أحاط بالرياضة المصرية، بدأ الإهتمام بالجيم يزداد إلي مستوى ملحوظ ، و كذلك إن الإهتمام بالأشكال الحديثة للرياضة كالـ”insanity”و الـ”P90x” التي تعمل علي الدمج بين أشكال مختلفة من المجهود العضلي المدروس و هذا مؤشر جيد  . لكن هل يغني الجيم عن الألعاب الرياضية؟  رغم ما للجيم من مكانة في قلبي، إلا أني أرى أنه لا يُغني عن الألعاب الرياضية. إن كنت لا تمارس الرياضة من الأساس، فالجيم أفضل من لا شئ بالتأكيد. أما إن كنت من المهتمين بالرياضة و أصلا بايت في الجيم، فأذهب إلي ملعب أي لعبة رياضية تعشقها و قم باللعب. أشعر بالمنافسة، بروح الفريق " إن كانت رياضة جماعية" ، بتحقيق الهدف، أنبهر بقدرة جسدك العجيبة علي تنفيذ ما تتخيل من حركات، كيف تمرر كرة أو تتحكم في المضرب، أو تنافس الوقت في الجري. إننا لسنا بمكان لتفضيل الألعاب الرياضية علي الجيم أو العكس. إن المنطق يدفعنا للدمج بينهما. إن الجيم يدفع جسدك إلي أقصي إمكانياتهُ و الرياضة تدفع توافقكك العضلي العصبي إلي حد الإعجاز. أستخدم ما يعطيك الجيم في الملعب و أشعر بروح الفريق، و الهدف المشترك. من الأخر بات في الجيم و أنزل الملعب.. أي ملعب و أستمتع، فالرياضة متعة و صحة و روح. أما سيدي القارئ إن لم تكن من ممارسي الرياضة بأي شكل من الأشكال، فإنك تحتاج وقفة مع النفس بالفعل فالموضوع خطير. نعم خطير! ... لماذا؟

لأن الرياضة و ثيقة الإتصال بمفهوم الإعتناء بالنفس و التحكم الكامل بالجسد و السيطرة عليه، كان الإنسان القديم يستخدم جسده كالقوة الفزيائية الوحيدة المتوفرة فكان أسرع، أقوي و أكثر مرونة فكما قال جان جاك روسو في كتاب أصل عدم المساواه :" في مواجة رجل لرجل، ينتصر الإنسان الأول أو البدائي." أما أنت أيها الإنسان الحديث فتحتاج إلي الرياضة لترى معجزات جسدك و قوته و توافقه العجيب، لترى أنك تستطيع دفع جسدك إلي أقصي إمكانياتهُ. كما أن صحتك تتطلب منك إتصالاً وثيقاً بالرياضة. لتنشط جسدك و لتنبههُ أنه علي قيد الحياة، كما أن الإعتناء بنفسك و مظهرك يفرض عليك الرياضة كسبيل إلي شكل أكثر قبولاً و يرضيك علي نحو أفضل. قد لا يكون الشكل و الهيئة هما ما يدفعانك لمزاولة الرياضة أو الذهاب للجيم و لكنه شئ تحصل عليه سواء كان دافعك أو لم يكن، ستحصل عزيزي علي " الفورما". و بالحديث عن الفورما يأتي ذكر المُكملات الغذائية ، إني لستُ طبيباً لكي أتحدث عن مدي تأثيرها أو أضرارها و هنا كما تقول الأسطورة " أستشر الطبيب". و لكن في مصر لا أحد يَعترف بالتخصص، لذا قد نستخدم تلك المنتجات بطريقة خاطئة و مدمرة. علي الجانب الأخر يعتقد العوام أن تلك الحبوب أو المشروبات تحولك كأنك شخصية كرتونية  بمجرد تناول تلك الأشياء إلي كتلة عضلية و هو ما ينافي الواقع. فالحقيقة أنه يجب علينا تحقيق الأسطورة و "أستشارة الطبيب" و تحويل الصورة الخاطة عن الـsupplements إلي صورة أكثر واقعية عن طبيعتها و تأثيرها.

و أخيراً، إن كنا نريد أن نعيش في عالم لا يحتوي إلا علي كائنات تُشبهنا فسنتحدث عن الرياضة من زاوية واحدة عقيمة، و لكن الرياضة "حق" حُرم منه المصريون. من حق المصري البسيط أن يمارس الرياضة لا أن يشاهدها في المقهي فقط" عادةً ما تكون كرة القدم". لا أعلم كيف يمكن لهذا أن يحدث مع كل ما يعانيه من إستغلال و قهر و تجاهل. لكن أضف  إلي حقوق المصري البسيط الضائعة حق الرياضة.
خالد أحمد.
نشرت في الAUCTimes