Pages


Friday 7 December 2012

مدينة لا تفهم



مدينة لا تفهم
تصبحين علي خير يا مدينة..
 لا تفهمني
أعيش بها فقط لتقهرني
مدينة ستائرها تفضحني
ما عاد الستر فيك يسترني
يا مدينة العجب ...
إن أسئلتي تسألني
من أي عهرٍ أخلاقك تستمدين؟
من أي قهرٍ حريتك تستقين؟
و أي ميزانٍ للعدل تستخدمين؟
و صمتك ذل فلماذا تصمتين؟
و أي شرعٍ في الشرائع تطبقين؟
و عن أي إنسانية تتحدثين؟
أنت مدينة ملائكتها شياطين
أهديك حاءاً و قافاً تسبقهما سين
و أخيراً لا تنسي التنوين
أهديك " سحقاً"


Thursday 29 November 2012

لماذا أكتب

أنظر إلي أقلامي و أرواقي و حبرها لم يجف بعد فأتسائل ما هذا الإدمان لماذا أفر من الكتابة بالكتابة؟ لماذا أكتب و لماذا أرسم بسطوري أفراحي و معاناتي و أجعل من عشقي لوحة بها من أحاسيس العشاق و معاناتهم ما لا يفهمه سواهم و لماذا أتسائل في الأساس. إن الإجابة أني أستطيع الكتابة ....فأكتب. إني أوراقي رغم رقتها و ضعفها تستطيع تحمل ما يُكتب عليها من هموم، همومٌ عجز بنو آدم عن تحمل سماعها مني حتي. و أستطعت من خلال نفس تلك الأوراق الوصول إلي الشخص السعيد الذي يختبئ في دواخلي. إن أقلامي رغم قلة ما بها من حبر ما زالت كافية لرسم لوحاتي بكل تفاصيلها فما الكلمات بالنسبة لي إلا ألوان . إني فقط أستدعي الكلمات الجامدة لأُحيها بما بداخلي من مشاعر فتسطر نفسها و تتعاون لإظهار هذه المشاعر التي جعلتها تنبض بالحياة. فمن أين لي بصديق يسمع دون شكوي ، و يساعد دون مقابل، و يعبر عني دون أن أتكلم. إن صديقاً كهذا لا يوجد إلا في مدينةٍ أفلاطونية ..... وإن أوراقي ترجع أصولها إلي تلك المدينة الأفلاطونية فلها الحق إذا بأن تكون هي أصدقائي و جزء من عالمي.... أتفنن في كتابة الكلمات بخط منمق لأنها تستحق أن تري النور في اجمل حالاتها و تستحق رد الجميل فإنه ليس من السهل أن تجد من يجسد ما بداخلك بتلك الصورة الاستثنائية.  كم أشفق علي من يصطنعون الشعر و يبحثون عن القوافي لأجل القوافي و يزينون الكلمات و لا يتركونها تخرج كما هي علي طبيعتها! فهم يقتلونها فالكلمات الحرة الصادقة هي الشعر و هي النثر و هي التعبير.... إني أبحث عن نفسي و مشاعري في تلك الكلمات فلا أكتب إلا صدقاً و لا تعبر القوافي إلا عما في ثنايا نفسي. إن كلماتي و خواطري تخرج مضطربة بإضطرابي، واضحة بوضوحي، عميقة بقدر ما بداخلي. إني إن قدمت إلكم كلماتي فإني أقدم السيرة الذاتية لدواخلي و أسراري التي لن يفهما أو يتذوقها إلا من يستحق.....

Friday 23 November 2012

ثقافة " بيقولك"


 

أتحداك .. نعم أبدأ مقالتي بتحديك عزيزي القارئ. و هو تحدي بسيط فقط أستمع إلي كل المعلومات و الأخبار التي تُقال لك علي مدار اليوم فإن لم يكن نصفها أو أكثر بدون مصدر أو دليل أكون خسرت التحدي و لا داعي لما ستقرأه في السطور الباقية. أما إذا كنت مثلي و مثل الكثير من المصريين تواجه في حياتك اليومية أخبار و معلومات و معتقدات لا تعرف مصدرها أو قائلها فمرحباً بك في ثقافة " بيقولك". في أحد الأيام التي أرغمت علي أستخدام المواصلات العامة فيها و كانت الإعادة الإنتخابية ما بين مرسي و شفيق و كانت الحرب بين دولة إخوانية و دولة فلول، فإذا بأحد الركاب يقول :" بيقولك هيخلو الدولة علمانية يا عم" فتسألت في داخلي مين اللي هيخلي؟ مرسي المنتمي للأخوان ولا شقيق المنتمي للنظام السابق و هو نظام قمعي لا علماني. فسألت الراكب: "مين اللي قال؟؟" و كانت الإجابة المبهرة " الناس هي اللي قالت" و هنا توقف الحوار ليدور في ذهني حوار كبير حاولت فيه أن أتسائل من الناس؟ و من هذا الرجل الأسطوري الذي ينافس جوجل في المعرفة الذي قال لنا كمصريين كل شيئ تقريباً. فعد سماع "بيقولك " أعلم أن الذي قال هو هذا الرجل الخيالي الموسوعة!! و هنا تطرح بعض الأسئلة نفسها، هل يوجد لدينا كمصريين ثقافة نقل معلومات؟ و كيف نتحقق من صحة الأخبار؟ و كيف تبدأ بتحصين نفسك تجاه تلك الثقافة؟

في البداية يجب أن نقوم بتعريف المشكلة. فإني أري أن المشكلة هي الإعتماد اللامنطقي علي الشهادات السمعية أو المعلومات المجردة من أي دليل بسبب الكسل الفكري أو الإنحياز أو نقص مصادر المعلومات. فالكسل الفكري ،الذي يصيبك عندما تسمع أي خبر أو معلومة و يمنعك من مرجعتها و تحليل مصادرها، سجنٌ، فأهلا بك سيدي في سجن قضبانه كسل. فهو يساهم في تشكيل معلوماتك و ثقافتك المغلوطة ، و يمنعك من إعادة مراجعة كل ما قد تبنيه علي معلومات لا أصل لها. أما التحيز و عدم الحيادية فهي أكثر الأسباب وضوحا تستطيع التوصل إلي هذا بمجرد تصفحك للـ"فيس بوك" مثلا ،فتري الأشخاص المنتمين إلي فكر معين ليبرالي، يساري أو إسلامي يقومون بنشر المعلومات كل دقيقة مع إضافة حبكة درامية نشتهر بها نحن –المصريين- فقط لأنها تؤيد فكره أو قناعاته دون التحقق من صحتها أو مصادرها أو دلائلها أو حتي موضعيتها وواقعتها. و هذا ما يدفع الناس إلي جدالات لا حصر لها مبنيه في الأساس علي خيال أو معلومات محرفة. و أخيراً قد يظهر بوضوح سبب أخر يساهم في ثقافة "بيقولك" و هو نقص المعلومات أو المصادر الموثوق منها،مما يدفع بعض الناس إلي إضافة تلك المعلومات للحدث علي إنها حقيقة مع إنها مجرد رأي شخصي ليس إلا و يضيف قائلاً بفخر " صدقني قالوا كده". إن لا أريد أن أصدقك دون مصدر وأخبرني يا صديقي الضمير في "قالوا" يعود علي من؟!. بل قد يحدث أن تجتمع كل تلك الأسباب في معلومة طائرة يصدقها الجميع، إن هذا النوع من الأخبار أو المعلومات قنابل موقوتة.

و من هنا إذا أردت أن تكون آراء يستمع لها و تكون جمل لا تحتوي علي خيال مطلق أو جزء من الحقيقة – و كلنا نفعل في بعض الأوقات- أن تبدأ في التخلص من ثقافة بيقولك. فلا كسل في تحري مصداقية الخبر و ما الذي يتطلب الكسل في الذهاب إلي أي من أجهزتك الحديثة " لاب تُوبك" أو " موبايلك" و البحث في الأنترنت علي أصل المعلومة، ولاكن هناك قاعدة و أنت تتحري الأخبار و المعلومات" ليست كل المعلومات صحيحة " فيجب أن تكون من موقع له مصداقية و كاتب له إتصال مباشر بالموضوع ,من ثم يأتي دورك في التفيكير في منطقية المعلومة و موضوعيتها و مدي قدرتها علي وصف الواقع. لا تسلم بالمعلومات المتداولة أياً كانت. و يجب علي الدولة و المنظمات الأهلية و حتي الأفراد توفير المعلومات و المواقع و الكتب التي يستطيع الباحث عن الحقيقة الرجوع إليها.فلا تكن سلبياً و كسولاً في تكوين ثقافتك و أرائك، أبحث، و أقرأ و كن أكثر واعيا بما يحدث حولك و لك. إن التخلص من تلك الثقافة لن يكون بين عشية وضحاها و لكن سيكون أسرع إذا إعترفت بما قد تكون تفعله من الإنتماء لثقافة " بيقولك". فمجتمع لا يسلم بالآراء علي أنها حقائق هو مجتمع قابل للتقدم و الإختلاف البناء. , أخيراً "بيقولك" المقال ده أي كلام أصلاً
 

 

Wednesday 11 July 2012

قطرة

لم يكن الجو رائعاً بالنسبة لأغلب الناس في تلك الليلة الشتوية الباردة حين قررت قطرة ماء أن تكسر قوانين السحاب الصارمة و تستسلم للجاذبية و تترك سماءاً ملبدة بالغيوم لتسقط وحيدة لتبدأ رحلة الثواني من السماء إلي الأرض . إن كان من السهل كسر قواعد الغيمة التي تنتمي إليها فكم كان من الصعب مواجهة الرياح بعنفوانها، فكما إستسلمت للجاذبية أستسلمت تلك القطرة للرياح التي أرسلتها إلي أحد ميادين مصر الجديدة المزدحمة نسبياً في هذا الوقت. و ما هي إلي ثواني حتي إقتربت تلك القطرة من الأرض و شارفت حياتها علي الإنتهاء. يالها من قصة تقليدية و نهاية بائسة لقطرة مثلها مثل جميع حبات المطر. و لكن الزمن يأبي إلا أن يُهديها هدية الموت ، فأبطأ الزمن الثوانيها لتمر كأنها ساعات سامحاً للقطرة بتأمل أدق تفاصيل الميدان و حركات قاطنيه و زائريه و سكناتهم. فتلك البناية الهائلة التي كانت تسقط بمحاذاتها تشبعت بالطابع الفرنسي في زخارفها و شبابيكها الطويلة و شرفاتها الواسعة بأسوارها الحديدية المزخرفة، و في إحدي الشرفات جلست إمرأة عجوز تحتسي كوباً من الينسون، يهرب البخار من سطحه، تتابع المارة كما تتابعهم القطرة و لكن لا أحد يدري ماذا رأت تلك المرأة العجوز علي مدار السنوات في هذا الميدان، وعِلمُ ما في جعبتها عند الله و لكن عيناها تخبرك أنها إكتسبت من الخبرات ما لا تُعلّمه إلا الحياة. فكم من عجوز لديه من دروس الحياة ما لا يُشتَري بالمال، و لكن أهملهُ الزمان و زاد الناسُ عليه من إهمالهم و هجرهم. و هناعبرت القطرة الشرفة و العجوز ترتشف رشفة أخري من كوبها الدافئ لتلاحظ فتاة صغيرة ،بشعرها المنكوش و ضفيرتها القصيرة الغير متناسقة التي لا يمنع عقدتها من الإنفراط إلا تلك "التوكة" الخضراء الصغيرة، و قد كان قميصها الوردي تشبع بالبقع، تحاول إقناع المارة أنهم في حاجة ماسة إلي مناديلها التي بدأت تدعو رواد الميدان لشراءها مستخدمة النداء الشهير "مناديل يا باشا.... مناديل يا أنسة... مناديل" و تستعطفهم بنظراتها. تخيل تلك الفتاة في كون موازي أو " برالل يونيفيرس" تستذكر دروسها في الليل و تستمتع بتعليم محترم يبني لا يهدم فيها معالم الإنسانية. فتزداد و عيا و تنمو بالعلم و تننتج أفراد أكثر نفعاً و تحضراً حتي و إن كانو فقراء. و لكن إذا عدنا إلي الكون الذي نحن فيه لا تزال تسمع كلمة " مناديييييل". أقتربت حياة القطرة من النهاية و هي تمر بجانب الأذن اليمني لفتي نحيل في سن المارهقة تاركاً الشنب الأخضر في وجهه ليضيف إلي ملامحه لزوجة غريبة فلا سبب يدعوه للإبقاء علي هذا الشنب .... أو ربما هناك أسباب واضحة متعلقة بالرجولة و النضوج في ثقافتهُ المراهقة ، ومن الممكن أيضا أن يكون شخص كسول ليس إلا فتجاهل هذا الشنب توفيراً للجهد. لم يكن الفتي و حيدا مع شنبه بل تشابكت أصابعه مع أصابع فتاة قصيرة إلي حد ما في مثل عمره ينظر إليها نظرة حانية ليجسدا قصة حب في طور البناء... حب!! بالطبع سينظر مجتمع بأسره إليهما علي أنهما أضحوكة لا يعرفون شيئاً عن العشق و آهاته، ولكنهم مخطئين فمتي كان للعشق بالسن و كانت الأحاسيس تأخذ إذن السنين لتنمو. فالأدعي أن يلوم المستهزئون أنفسهم أنهم لم يحتووا جيلاً عاشق، ثائر فمن واجبهم نشر الثقافة و الوعي العاطفي و عدم كبت المشاعر بل توجيهها لتسمو بالأرواح و المجتمع، فكان وما زال واجبهم الإحتواء و التوضيح لا القمع و الإستهزاء. و من يدري كم من ساعات أو سنين أمام هذه العلاقة الضبابية؟ .... بضع سنتيمترات و تنتهي حياة القطرة و لكن يسمح الزمان لها بمشهد أخير؛ فتاة جالسة في" الكافيه" علي الجهة الأخري تحتسي كوباً من القهوة المثلجة بالكراميل ليس العجيب هو القهوة المثلجة في هذا الطقس الشتوي الغريب و لكن فتاة خرجت في هذا الجو لتستمتع بقرأة كتاب فلسفي بحت منفردة به علي المقهي  توقع منها أي شيئ.... كم سيكون المجتع جميلاً حين يُدمن أفرادهُ القراءة، و لكن نحن في مجتمع أدمن كل شيئ حتي "الكولّا" إلا القرأة. لامست القطرة الأسفلت المبتل و تلاشت  و هي مشفقة علي البشر الذين يعشون سنوات و لا يتوقفون لدقائق فيتأملوا ما حولهم من قصص و حكايات قد تغير حياتهم و لا ينظرون لمشاكل مجتمعهم نظرة أكثر عمقاً و يتحمل كل فرد تلك المشاكل كأنها مشكلتهُ الخاصة . و بالطبع لم تنسي أن تشكر الزمن علي هديته التي جعلت حياة الثواني أكثر ثراءاً من حياة السنين.   

Monday 2 July 2012

هو


هو اللي بيبكي و يرمي الإفيه
هو اللي بيضحك و الدمعة في عينيه
هو البردان اللي بيدفي اللي حواليه
                                   هو اللي بيجاوب و يسأل ليه؟                  
فاكر نفسه ضاحك علي الدنيا..
و هي اللي ضحكة عليه
هو أصلاً ميعرفش هو ايه
هو مَعرفش يحب و لا يكره و لا....
 يفرح
هو اللي لا بالعامية و لا الفصحة عِرف يشرح
هو اللي لا عِرف يجمع ولا يطرح
هو خروف بقرون  مبيعرفش ينطح
هو القاسي اللي مبيعرفش يجرح
هو عامل مركزمع أنه علطول بيسرح
هو مبيعرفش يعوم بس في أفكاره بيسبح
و في عز حزنه بيصلي و يسَّبح
إنه يعرف هو ايه.. محال
يعرف إزاي و هو بيجاوب السؤال....
بسؤال
  هو من الآخر زبداية مكس
جواة كل حاجة و العكس

Friday 11 May 2012

حلقة الذكر



نظر إلي أوراقهُ و حبره بعد لم يجف فقد عاد إلي واقعنا من عالمهُ الخيالي  الغامض الذي يهرُب إليه ليصوغ ابياته الذهبية و بدأ يقرأ بشجن تلك الأبيات.
شاعرٌ ترفض كلماته السطــور
عاشقٌ تهرب من سمائه الطيور
فيهرب ليعيش في فراغٍ مهجور
فراغٌ ما عاد فيه الصبرَ صبور.....
كم عشق تلك الأبيات بعد أن قرأها فهي- رغم كثره ما كتب و ما سيكتب -  تعبر بكل و ضوح و حزن عنه فهي تلخيص لحياة شاب بلغ الثانية و العشرين و لم يفعل أي شىء يذكر غير انه خلف أكوام من الورق المليئ بكتاباته. أمسك الورقة و نظر فيها بإمعان ثم أراح ظهره علي هذا الكرسي الخشبي البسيط لهرب إلي ذكرياتهُ، و كان أول ما تذكرهُ هو أول يوم أكتشف فيه أن حقه في الحديث أو التعبير قد سُلِب بسسب الثلعثم . تذكر المدرس و الطلاب و حتي الدرس و السؤال الذي سأله بعلو صوته رغم تقطع الحروف " م م مممكن تتشرح ددي  تـ تاني يا مستر؟" لم يستطع الأطفال أو حتي الأستاذ حبس ضحكاتهم و سمع من سخريتهم ما جعله يندم علي السؤال و علي الحديت بل و يكره لسانه.وعند هذا المشهد قرر الخروج من عالم الذكريات الموجع، ولكن تأبي ذكرياته إلا أن تعيده إلي عالمها في مشهد مؤلم آخر يشعر فيه أنه نكره. فتلك الفاة- الطفلة في ذالك الوقت- صاحبه العينين البنيتين الواسعتين و شعرها البني القصير الكثيف هي حبه الأول. فقد أسرته إبتسامة شفتيها الكبيرتين و جعلته يشعر بالحب و الألفة و هو لم يتجاوز الثالثة عشر بعد. فكم جلس علي تلك " الدكة" المتهالكة في " الحوش"  ليراقب تصرفاتها و أدق تفاصيلها، كيف تتحدث، تلعب و حتي كيف تغش و تتحايل. كان الجميع يتحدث معها و يصادقها إلا هو فكم كان يخشي أن يواجهها بحروفه المتقطعة المتلعثمة. لم يكن المؤلم في هذه الذكري أنه فقد الفتاة – فهو يدرك الأن انها مشاعر طفولة ليس إلا- بل ما آلمه حقا هو الشعور بالعجز رغم أنه سليم، صحيح بل و بارع في الوصف و التعبير لكن تلك الحروف التي ترفض التشابك تخونه و تشعره بالعجز. لكن هذا المشهد لم يكن بهذا السواد فقد ادرك في تلك اللحظه أن و سيلته للتعبير هي الكتابة عندما حاول كتابة بعض الأبيات و الجمل لتلك الفتاة ساحرة العينين بدا واضحاً ان هذا هو المخرج و الملاذ لأنه شعر أن كتابتهُ منمقة، معبرة و صادقة. فكان هذا الأكتشاف هو الخيط الأبيض في تلك الصورة قاتمة السواد.و هنا فقط سمح له عالم ذكرياته بالخروج ليعود إلي واقع لا يختلف عن الذكري كثيرا. فينهض من علي الكرسي الخشبي و كان أول ما يصادفة عند النظر إلي الحائط الذي يعاني من بعض الشقوق بمحاذاة السقف هي شهادة تخرجة من كلية الأعلام فيتنهد معطياً الحائط ظهره وله في ذلك كل الحق فلكي يحصل علي تلك الشهادة واجه الكثير من الظروف و الأشخاص. فبعد النتيجة المتوقعة في الثانويه العامة فضل أبويه أي كلية عملية لتفادي الأحتكاك المبالغ فيه مع الأشخاص و الأكتفاء بالتطبيق و الحسابات لكنه قرر دخول مجال يعتمد و فقط علي التعبير ليسترجع حقه المسلوب و لك أن تتخيل " الدغ" في الأعلام فما بالك بمن يتلعثم.ورغم كل ذلك جعلته كتاباته المميزة قادراً علي فرض نفسه  و التخرج بجداره. و الآن قرر ترك المكتب بذكرياته و الشهادة بحروبها و الخروج ليستمتع بأضواء  مصر و صخبها ليلاً. و لكن سحقا لهذا اليوم فحتي الشارع و الميدان بكل معالمه يذكره أنه متجاهل و مرفوض، فذاك المقهي الذي كان يجلس عليه و يشكل نداء صبي القهوة و طلب المشروب مشكلة في كل مرة و إن كان رواد هذه القهوة إعتادوا علي هذا النداء " ييّــا ع ع عصفورة" و هو إسم صبي القهوة ، إلا إنه كان يؤثر في نفسه كل مرة علي مدار السنوات. أكمل سيرهُ ليرى في الأفق مقر توزيع الجريدة يتلئلئ، تلك الجريدة التي تقدم إليها فقابله رئيس تحريرها بفظاظة قائلاً " و أنت لما تيجي تعمل حوار هتذل الضيف عقبال ما تسأله كده!! روح أعملك كتاب ولا حاجة"، ما يتذكره ليس فقط فظاظه الرجل ولكن رد فعله الغريب فقد أبتسم في وجه الرجل ليؤكد له أنه الخاسر. ايقظه النسيم المسائي و هو يداعب و جنتيه في تلك الشوارع وظل يسير و يسير مثقلاً بالهموم و الذكريات و الصمت، تتسارع الدنيا من حوله وهو يبطئ في مشيته.ليجد نفسه أمام ضوء أخضر يأخذ عينيه و همهمات غير مفهومة عالية الصوت ليتضح المشهد أمامه إنها حلقة ذكر للمتصوفة. فيقرر أن يدخل معهم فيتأمل وجوههَمم التي تحكي تجاعيدها الكثير و يشاركهم الدوران و الهمهمة آملاً في أن تتحرر روحه المثّقلة المُتجَاهلة من الجميع. بدأ يدور و يدور و كلما زادت سرعتهُ في الدوران يشعر أن العالم يدور أسرع منه، و أن روحه أثقل و كأنها شيء ملموس يتحامل علي ضلوعهُ. إن الزمن و الذكريات يتحديانه. هنا بدأ نفسه يضيق أكثر..... فأكثر. شعر أنه وحيداً في المكان، تذمرت قدماه و لم تعدد تحتمله فقررت أن تخونه و رفضت أعصابه الإستجابه لأوامره، كانت الجاذبية أقوي من إرادته فسقط علي الأرض. بدأ الجميع من حوله ينتبهون إلي ما يحدث ولكن كانوا متأخرين.غقد أغلق عيناه هو يلعن عالماً يتجاهل أكثر ما يسمع، عالمٌ فرض عليه الصمت لأنه عالم سطحي يخشي الوصول إلي أعماق الأشخاص خوفاً من الحقائق فعالم يحب الصور و يحترم الوهم جعله يصمت لسبب تافه رغم أنه الأقدر علي التعبير. هو واحد من ملايين يعانون،فمن يدري أكانت تلك السقطة هي لحظة هروب مؤقتة أم كانت سقطتهُ الأخيرة؟
خالد أحمد عبد اللطيف
10-4-2012
نشرت في AUC Times
 

Thursday 12 April 2012

ما حدث عند "الكُشك"



قد يعتبر الكثيرون أن يوم الخميس يوم مقدس لذا ينفقون أيام الأسبوع في وضع خطط محكمة للإستمتاع به, و الحقيقة أني أفعل هذا ايضاً و أضع خططاً معقدة ليوم خميس مبهر و لكني- و الحمد لله- لم أنفذ أياً منها منذ عدة سنوات و كان البديل دائما هو " الكشك".و في أحد أيام الخميس التي باءت خطتهُ بالفشل-كالعادة- ذهبت إلي الكُشك. فالكشك بأي حال من الأحوال أصبح مكاناً للتجمع و لم يعد يقتصر علي بيع السجائر أو "الشبسي" و توابعه.
هناك بعد أن رحبت بأصدقائي, المجتمعين حول تلك العلبة الحديدية "الكُشك", و أبتسمت بسبب الضجيج الذى صدر منهم للرد بحرارة علي تحيتي, بدأ الحديث يدور و بدأت الضحكات تعلو, و في وسط كل تلك الأصوات سمعت من يقول:" ما هو لو توفيق عكاشة مكانش محبوب مكنش دخل مجلس الشعب". و في حالة من الذهول تسائلت هل توفيق عكاشة أصبح نائباً؟ و عندما لم أجد إجابة كان لابد ان أبحث عن المتكلم لأجده رجلاً في الخمسين يتحدث مع رجلين في مثل عمره أو أصغر و هم متوسطوا الحال إن لم يكن أقل و قد اتخذوا من صناديق المياة الغازية الفارغة مجلساً لهم. لم يقتصر الحديث علي أن عكاشة أصبح نائباً بل تطرقوا إلي عدة نقاشات حاول من خلالها هذا الرجل أن يقنع صاحبيه بكل إصرار ببعض الهرطقات السياسية و الأجتماعية أيضاً, وعندها بدء أصدقائي يتلفتون إلي هذا الحديث الكوميدي في وجهة نظرهم و أجمع الجميع أن الفرصة سانحة ل" أشتغالة".
فتدخل أحد أصدقائي  في الحديث متسائلاً بنبرة جاده ساخرة أيضاً: " أيه ده هو عكاشة دخل المجلس فعلاً يا حج؟" فأجاب جازماَ و مادحاَ بنعم و هنا تدخل آخر من أصدقئي قائلاً:" آه هو فعلاً راجل محترم و شغال بالمستندات" و هنا بدا صوت الضحكات واضحاً و أستمر هذا الحديث الهزلي السجالي إلي أن و صل إلي مذبحة بورسعيد الشنعاء, فقال أحدنا:" دول قتلوا الناس مع أن المصري كسبان" و هنا أنتفض أحد الرجال الثلاثة قائلأً بكل فخر:" كسب مره من نفسه دا الأهلي بيكسب علطول", و كأن الفاجعة في هزيمة النادي الأهلي, و هنا أستمرت الضحكات و أردت أن أضحك لكن شىء ما بداخلي أرغمني على التوقف كي أُحيل و فجأة الحوار بنبرة جاده إلي مساره الطبيعي محاولاً ان اشرح لثلاثتهم الوضع السياسي الحالي و أن أؤكد لهم أن توفيق عكاشة بالفعل ليس في مجلس الشعب و أضطررت أن انفق بعد الوقت ليصدقواكلامي بعد أن أكد صحته أغلب الجالسون.
 لكن ما شغلني فيما بعد هو لماذا توقفت عن الأبتسام و أردت و فجأة أن أشرح و أؤكد و اتكلم بجدية. بالطبع ليس حبي في السياسة فبيني و بين قواعدها نظرات إحتقار إن لم يكن كرهاً, و أيضاَ لم يكن حباً في "العكننة" و توقف الضحك. الحقيقة هي أني أدركت أن الموقف لمس بداخلي قضية تؤرقني و هي أين الوعي من الشعب المصري؟ إني لا أقصد الرجال الثلاثة فقط, فهم قد حُرِموا من الكثير و من تجاهلهم أكثر. و إذا نظرنا نرى أن رجلاً ببعض المعلومات غير الدقيقة حاول التأثير علي صاحبيه. المشكلة الحقيقية أننا و قد أُتيحت لنا الفرص و كنا- الجالسين- في جامعات ذات وزن لا ندرك أن قصر المعلومات مشكلة نواجهها أكثر منهم لكننا ننكر. كلٌ منا يري نفسه من النخبة, إذا تحاور أصر و إذا أخطأ فكرياً انكر. إنا مثل هذا الرجل الذي وصفناه بقلة الوعي فهو غير متأكد من معلوماتهُ و كثيرا ما نكون أيضاً, مُصِرأ على رأيه, يرفض الأستماع و يستخدمه للتأثير علي الناس. و هذا ما نفعله ولكن مع أستخدام بعض المصطلحات المعقدة و أسلوب منمق لنؤكد أننا علي درجة كافية من الوعي. الفرق الوحيد أننا نمتلك الفرصة لكسب  وعي أكثر صلابة و علم أكثر قوة. فقبل أن نلوم الناس علي قصر وعيهم يجب أن نلوم أنفسنا لأننا تركناهم يتخبطون و يجب أن ندرك أننا قد نعاني من ذاك القصر أيضاً . فالوعي و الثقافة هما أحد أكثر الحلول فاعلية لمصر أفضل, فشعب أكثر و عياً هو شعب قادر علي تحديد أهدافه و الو صول لها.
 نُشرت في الAUC Times 
عدد أبريل


Thursday 2 February 2012

كرة قدم !!!




حكامنا استكثروا علينا حتي الدماء

فأحالوا ملاعبنا الخضراء فِناءاً للفَناء

و الكرة سكيناً تستمتع بدموعٍ سوداء

فأرثي الروح و النيل و أُطيل الرَثاء

فتُنهَر أبياتي و يُرَد ما كان من عزاء

أي عزاءٍ في أخلاقٍ صـارت إبتلاء

و جهلٌ له علي المراجع رقصة بلهاء

و حكام جعلوا النيل من الخير صحراء

فتلوم الرياضة و هي مما حدث براء

فلتلمْ ظلماً و فقراً دفعوك للأنتهاء

و فرد أمن ناديناه فرفض النداء

فإن كان لمصر الله و لنا البكاء

فلنجفف دموعاً و نكن نبتةً الخلاء

....... و لنكثر للأرواح الدعاء

 كتب: خالد أحمد

عقب أحداث بور سعيد 2-2012

Tuesday 10 January 2012

لن يبتسم


استيقظ من النوم عابساً يحمل هموم الدنيا و بينما هو يرفع الغطاء شعر بشىء غريب في هذا اليوم بالطبع لم يكن همه أوعبوسه بالغريب فهو جعل من الحزن  صديقه المخلص , و لكنه تجاهل هذا الأحساس  و ارتدى ملابسه و أرتشف قهوته المعتادة  في جرء من ذلك الروتين المقدس القائم علي التكشيرة و القهوة. ثم ذهب ليهيم علي وجهه في شوارع القاهرة المكتظة بالناس و المواقف و الإختلافات. وقف علي المحطة منتظراً الأتوبيس ليذهب إلي أحد مقاهي وسط البلد في محاولة منه للتجديد في يومهِ. و بدء الناس من حوله يغدون و يروحون منهم البائس و الباسم والمتعجل و الهادئ. ففكر لوهله إن هولاء الناس يستطيعون لعب دور أهم في حياته من دور الكومبرس. فقرر أنه لن يركب الأتوبيس و سيتأمل الناس من حوله و يعيش قصة كل فرد. و بالطبع المترو –ليس مترو الأنفاق بالطبع -أو "الترام" هي وسيلة المواصلات المناسبة فليس هنالك أبطئ من هذا المترو المعتمد علي الكهرباء التي غالباً ما تخون العشرة  و تتخلي عنه في منتصف الطريق فسيوفر له الوقت  ليتأمل ركابهُ.فلمح المترو قادم من بعيد ببطء ملحوظ فعبر الشارع بأحتراف ليقفز في المترو متوسط الأزدحام ليجد مكان خالي يناديه للجلوس فقال من هنا ستبدأ الرحلة و ما كاد ينتهي من كلمتهُ حتي سمع شاب في ثلاثينياته يقول لرجل عجوز تركت السنون علامات لا حصر لها علي وجهه و صوته :سايب الفرشة في السوق النهاردة ليه يا حاج؟ فأجاب الكهل بصوت متهدج: أنا سبت مكاني النهاردة للواد رمضان أصل عنده عيال و عايز يدفع المصاريف لمدارسهم إنما أنا عاوز أيه من الدنيا غير الأكل و رضا اللي خلقنا و أبسم قائلاً الحمد الله . فوجدت الأبتسامة طريقاً إلي وجه صديقنا العابس و أدرك أنه رغم بساطة هذا الرجل فقد حقق تكافلاً إجتماعياً و سيساهم في التعليم  و الوعي و كلمات قد لا يدركها و أنه سيغير في حياة شخص يسترق السمع لحديثه فقط لأنه ترك "الفرشه" . و بينما هو يحلل كلام الرجل العجوز لمح فتاة جالسة أمامه مباشرةً تدمع و قد لاحظ أن الدموع تخونها وهي لم تكن تلاحظ هي أن أحداً يراقبها. فأدرك أن دموعها دموع عشق مجروحة و بدأ السباحة في بحر العشاق و تجسدت أمامه أهاتهم و شغفهم وقصص حبه القديم و لكن صوت أحد الموبايلات أيقظه من أحلامه فأدرك ان احدأ ما في هذا المترو وصلته رسالة و من نظرته في عين تلك الفتاة أدرك ان الرسالة لها فقد تبدلت دموعها بإبتسامة جريحة و كأنها تلقت كلمة عشق دافئة بعد هجرٍ قصير. و أخيراَ قرر ترك تلك العلبة الحديدية و نزل في أحد المحطات التي لا يذكر أسمها,و أراد أن يروي عطشه ب" أزازة حاجة ساقعة" فتوجه إلي أقرب كشك و أنتقي اكثر الزجاجات برودة ليشربها وبينما هو كذلك رأي سيدة عجوز تحاول عبور الشارع و السيارات تجعل من عبوره تحدي لمن في مثل عمرها وكان بدا انها قد قبلت هذا التحدي و شرعت في العبور بخطوات مترددة فزادت السيارات من التحدي حتي ترك هو الزجاجة  و عبر الشارع بإحترافه المعهود لساعدها علي العبور و يأخد بيدها, و بعد الوصول للضفة الأخري من نهر السيارات تقول السيدة العجوز ضاحكة و إن كانت تجاعيد وجهها تحكي الكثير: مأنا كنت هعدي لوحدي ده أنا لسه شباب يا وله" فيجيبها بإبتسامة خجولة فتكمل داعيةً : روح ربنا يكرمك و يفرحك و استكملت  طريقها بنفس التحدي  ولكنه لم يلحظها و هي تنصرف لأنه كان يتساءل عن دعوتها. أنا افرح؟! فتوقف به الزمان لوهلة فقد تجسد أمامه الكهل الراضي الشاكر رغم بساطته و الفتاة العاشقة الحالمة و تذكر أبتسامتها رغم مرارة الحب  , وكذلك العجوز التي رأي في عينيها الأصرار و الأمل وعاد به الوقت لأرض الواقع ليلملم بقايا احلامه و يكتشف لما شعر صباحاً أن هذا اليوم سيكون غريباً لأنه اليوم الذي قرر فيه أن..... يبتسم.

Friday 6 January 2012

يا من تسأل


يا من تسأل الحياةَ مفاتيحها و الأسرار
ستضّن بالإجابةِ فمن يسأل الماء النار ؟َ
الحياة رحلةٌ  فترّحل مستمتعاً بعذابِ الأسفار
واستسلم لما هو قدرٌ و انتقى ما هو إختيار
انحنى شامخاً , عاتب صامتاً, فصمتك إعصار
 و لا تودع سرك إلا قاع البحار
فإنها و إن هـــاج موجها لـلأسرار ستار
و استرق أحزانك و إلا صارت حاكماً جبار
تأسر أفراحك,تقتل اَمالك تشعرك الانكسار
فماذا تنتظر لتثور , أما سئمتَ الإنتظار؟
فذاك منزل الأوهام لهُ الوحدة جدار
وما الوحدة إلا ما اصطنعت فهى قرار 
يأخذه العاجز ليحيل ضحكاته أسوار
فيا ابن اَدم ! ما دمعة فشلك إلا شمس النهار
تشرق باسمة لتضىء حلمك بأجل الأنوار

Thursday 5 January 2012

عندما تطلب القسوة الحنان



نظر في المرآة صدفةً ثم استدار لكنه عاد و نظر طويلاً وبينما هو في طريقه إلي مكتبهُ يفكر في هموم العمل و أهدافه تذكر المرآة مرة اخري ولكن تساءل ما كان غريباً تلك المرة كي تشغل المرآة فكرهُ المكتظ ؟ كانت الأجابة ببساطة تلك اللمعة التي لم تعتّد عليها عيناه البنيتان  الداكنتان . ولكن كان المكتب يناديه بأوراقه و أعماله فيتناسي تلك اللمعة حتي  يري عينيه في القهوة و هو يرتشف  رشفته الأولي على مكتبه الخشبي البسيط الذي يصعب الوصول إلى أرضيتهِ بسبب الأوراق المبعثرة , فيريح رأسه علي المقعد الجلدي الوثير ويذهب إلي عوالم تتخطي المكان ويتذكر اللقاء الشتوي البارد حين كان يجلس معها علي ذاك المقهي يرتشف قهوته المعتاده وكان لقاءأً حاداً و تذكر جملتها بالحرف :" شايفه في عينك قسوة غريبه اوي ".ولكنه انتفض حينما تذكر رده علي هذا الاتهام حين قال:" أيوه انا بقيت آسى بس ازاي تشوفي حنيتي بتموت و متصحهاش كانت بتندهلك و هيا بتموت سمعتيها؟" وكانت تعابير وجهها حينها متعجبة مضطربه إلي أبعد حد فهي تعلم تماماً أنه كتوم لا يشكو مستخدماً مصطلحات العشاق و لا يلوم من يُؤلمَهُ , و تذكر جملتهُ الأخيرة قبل أن يرتشف آخر رشفه و يغادر " ليه الحد الوحيد اللي حبيته بدون سبب ميفهمنيش" .لامه الجميع حينها فقد دعته للخروج فقط لتشكو سوء معاملته و اهماله و تفاني اصدقاءه و صديقاته في جمل العتاب مستخدمين بلاغه الشعراء و دقة الخطباء وتذكر ابتسامته الباردة حينها التي لام بها جميع من يعرفهم فلماذا لم يفهم أحداً ان تلك الأبتسامة هي ثورة البركان و عندما عاتبها للمرة الأولي منذ أكثر من عام كان يحذرها ان حنانه بالفعل يحتضر.
و عندما ارادت ان يبعد كل تلك الذكريات و يكمل قهوته التي أصبحت باردة رغم دفء الذكريات  وجد جفونه تنغلق و تجسد له المشهد الوحيد الذي لا يريد ان يراه الأن.. فتذكر تلك الدمعة اللعينة التي نزلت من عيون لا تبكي إلا املاً ولا تشكو إلا شعرأً لم تكن من قتلت حنانه السبب لأن قصتهما مازالت مستمرة و مازالت تلهو علي درب الهوي  ولكن كانت تلك الدمعة ترثي حنانه و شغفه و ترثي معها الأمل الأخير في ان ينفتح قلبه ليحكي و يصور ما يعاني من عالم لا يفهمه. و فضل أن يعيش بحنان ليس من حنانه و أن يحبس أسراره في قلبه العميق. فتنهد بعد أن عرف أن تلك اللمعة هي لمعة القسوة التي شارك الجميع في ظهورها علي عينيه, و عاد ليرتشف رشفته الثانية ولكن تلك المرة عندما رأي أنعكاس عينيه علي القهوة كان قد اعتاد علي لمعتها و عاد للعمل.
خالد أحمد عبد اللطيف
26-11-2011

الطائر الذي علمني



شعر الطائرُ المغرد بأحزاني
فتوقف عن الغناء متسائلاً ما ابكاني
لم أبوح فإني مع أحزاني أناني
احتفظ بها لنفسي و اعشق آلامي
لها في حياتي ساعات و الفرح ثواني
فرأيته يبتسم متعجباً من كلامي
قائلاً اتدري:
تهدم اليوم عشي بعد سنوات من البناء
و لكني طرت معتبراً بيتي ذاك الفضاء
وَجب عليك في الدنيا مصادقة الشقاء
و الرضا بالأقدار و الصبر علي العناء
امسح دمعك و ابحث عن شمس الشتاء
فالحزن ينبوع لن يتوقف عن العطاء
لايكف عن تدمير بيوت الفرح و الهناء
فأجمع قشك وابن عشك فوق السماء
و طار قائلا:
إذا أردتني فإن الفضاء عنواني
عذبه كلمات ذاك الطائر سطرتها بأقلامي
فأنه طائر احب الحياه و جعلني احب زماني
عجباً لم أدرك أن طائراً سيهز كياني
جاعلا مني طائر اعبر عن آلامي بألحاني
فشكرا لك واسمح ان يكون فضائك مكاني