Pages


Thursday 29 November 2012

لماذا أكتب

أنظر إلي أقلامي و أرواقي و حبرها لم يجف بعد فأتسائل ما هذا الإدمان لماذا أفر من الكتابة بالكتابة؟ لماذا أكتب و لماذا أرسم بسطوري أفراحي و معاناتي و أجعل من عشقي لوحة بها من أحاسيس العشاق و معاناتهم ما لا يفهمه سواهم و لماذا أتسائل في الأساس. إن الإجابة أني أستطيع الكتابة ....فأكتب. إني أوراقي رغم رقتها و ضعفها تستطيع تحمل ما يُكتب عليها من هموم، همومٌ عجز بنو آدم عن تحمل سماعها مني حتي. و أستطعت من خلال نفس تلك الأوراق الوصول إلي الشخص السعيد الذي يختبئ في دواخلي. إن أقلامي رغم قلة ما بها من حبر ما زالت كافية لرسم لوحاتي بكل تفاصيلها فما الكلمات بالنسبة لي إلا ألوان . إني فقط أستدعي الكلمات الجامدة لأُحيها بما بداخلي من مشاعر فتسطر نفسها و تتعاون لإظهار هذه المشاعر التي جعلتها تنبض بالحياة. فمن أين لي بصديق يسمع دون شكوي ، و يساعد دون مقابل، و يعبر عني دون أن أتكلم. إن صديقاً كهذا لا يوجد إلا في مدينةٍ أفلاطونية ..... وإن أوراقي ترجع أصولها إلي تلك المدينة الأفلاطونية فلها الحق إذا بأن تكون هي أصدقائي و جزء من عالمي.... أتفنن في كتابة الكلمات بخط منمق لأنها تستحق أن تري النور في اجمل حالاتها و تستحق رد الجميل فإنه ليس من السهل أن تجد من يجسد ما بداخلك بتلك الصورة الاستثنائية.  كم أشفق علي من يصطنعون الشعر و يبحثون عن القوافي لأجل القوافي و يزينون الكلمات و لا يتركونها تخرج كما هي علي طبيعتها! فهم يقتلونها فالكلمات الحرة الصادقة هي الشعر و هي النثر و هي التعبير.... إني أبحث عن نفسي و مشاعري في تلك الكلمات فلا أكتب إلا صدقاً و لا تعبر القوافي إلا عما في ثنايا نفسي. إن كلماتي و خواطري تخرج مضطربة بإضطرابي، واضحة بوضوحي، عميقة بقدر ما بداخلي. إني إن قدمت إلكم كلماتي فإني أقدم السيرة الذاتية لدواخلي و أسراري التي لن يفهما أو يتذوقها إلا من يستحق.....

Friday 23 November 2012

ثقافة " بيقولك"


 

أتحداك .. نعم أبدأ مقالتي بتحديك عزيزي القارئ. و هو تحدي بسيط فقط أستمع إلي كل المعلومات و الأخبار التي تُقال لك علي مدار اليوم فإن لم يكن نصفها أو أكثر بدون مصدر أو دليل أكون خسرت التحدي و لا داعي لما ستقرأه في السطور الباقية. أما إذا كنت مثلي و مثل الكثير من المصريين تواجه في حياتك اليومية أخبار و معلومات و معتقدات لا تعرف مصدرها أو قائلها فمرحباً بك في ثقافة " بيقولك". في أحد الأيام التي أرغمت علي أستخدام المواصلات العامة فيها و كانت الإعادة الإنتخابية ما بين مرسي و شفيق و كانت الحرب بين دولة إخوانية و دولة فلول، فإذا بأحد الركاب يقول :" بيقولك هيخلو الدولة علمانية يا عم" فتسألت في داخلي مين اللي هيخلي؟ مرسي المنتمي للأخوان ولا شقيق المنتمي للنظام السابق و هو نظام قمعي لا علماني. فسألت الراكب: "مين اللي قال؟؟" و كانت الإجابة المبهرة " الناس هي اللي قالت" و هنا توقف الحوار ليدور في ذهني حوار كبير حاولت فيه أن أتسائل من الناس؟ و من هذا الرجل الأسطوري الذي ينافس جوجل في المعرفة الذي قال لنا كمصريين كل شيئ تقريباً. فعد سماع "بيقولك " أعلم أن الذي قال هو هذا الرجل الخيالي الموسوعة!! و هنا تطرح بعض الأسئلة نفسها، هل يوجد لدينا كمصريين ثقافة نقل معلومات؟ و كيف نتحقق من صحة الأخبار؟ و كيف تبدأ بتحصين نفسك تجاه تلك الثقافة؟

في البداية يجب أن نقوم بتعريف المشكلة. فإني أري أن المشكلة هي الإعتماد اللامنطقي علي الشهادات السمعية أو المعلومات المجردة من أي دليل بسبب الكسل الفكري أو الإنحياز أو نقص مصادر المعلومات. فالكسل الفكري ،الذي يصيبك عندما تسمع أي خبر أو معلومة و يمنعك من مرجعتها و تحليل مصادرها، سجنٌ، فأهلا بك سيدي في سجن قضبانه كسل. فهو يساهم في تشكيل معلوماتك و ثقافتك المغلوطة ، و يمنعك من إعادة مراجعة كل ما قد تبنيه علي معلومات لا أصل لها. أما التحيز و عدم الحيادية فهي أكثر الأسباب وضوحا تستطيع التوصل إلي هذا بمجرد تصفحك للـ"فيس بوك" مثلا ،فتري الأشخاص المنتمين إلي فكر معين ليبرالي، يساري أو إسلامي يقومون بنشر المعلومات كل دقيقة مع إضافة حبكة درامية نشتهر بها نحن –المصريين- فقط لأنها تؤيد فكره أو قناعاته دون التحقق من صحتها أو مصادرها أو دلائلها أو حتي موضعيتها وواقعتها. و هذا ما يدفع الناس إلي جدالات لا حصر لها مبنيه في الأساس علي خيال أو معلومات محرفة. و أخيراً قد يظهر بوضوح سبب أخر يساهم في ثقافة "بيقولك" و هو نقص المعلومات أو المصادر الموثوق منها،مما يدفع بعض الناس إلي إضافة تلك المعلومات للحدث علي إنها حقيقة مع إنها مجرد رأي شخصي ليس إلا و يضيف قائلاً بفخر " صدقني قالوا كده". إن لا أريد أن أصدقك دون مصدر وأخبرني يا صديقي الضمير في "قالوا" يعود علي من؟!. بل قد يحدث أن تجتمع كل تلك الأسباب في معلومة طائرة يصدقها الجميع، إن هذا النوع من الأخبار أو المعلومات قنابل موقوتة.

و من هنا إذا أردت أن تكون آراء يستمع لها و تكون جمل لا تحتوي علي خيال مطلق أو جزء من الحقيقة – و كلنا نفعل في بعض الأوقات- أن تبدأ في التخلص من ثقافة بيقولك. فلا كسل في تحري مصداقية الخبر و ما الذي يتطلب الكسل في الذهاب إلي أي من أجهزتك الحديثة " لاب تُوبك" أو " موبايلك" و البحث في الأنترنت علي أصل المعلومة، ولاكن هناك قاعدة و أنت تتحري الأخبار و المعلومات" ليست كل المعلومات صحيحة " فيجب أن تكون من موقع له مصداقية و كاتب له إتصال مباشر بالموضوع ,من ثم يأتي دورك في التفيكير في منطقية المعلومة و موضوعيتها و مدي قدرتها علي وصف الواقع. لا تسلم بالمعلومات المتداولة أياً كانت. و يجب علي الدولة و المنظمات الأهلية و حتي الأفراد توفير المعلومات و المواقع و الكتب التي يستطيع الباحث عن الحقيقة الرجوع إليها.فلا تكن سلبياً و كسولاً في تكوين ثقافتك و أرائك، أبحث، و أقرأ و كن أكثر واعيا بما يحدث حولك و لك. إن التخلص من تلك الثقافة لن يكون بين عشية وضحاها و لكن سيكون أسرع إذا إعترفت بما قد تكون تفعله من الإنتماء لثقافة " بيقولك". فمجتمع لا يسلم بالآراء علي أنها حقائق هو مجتمع قابل للتقدم و الإختلاف البناء. , أخيراً "بيقولك" المقال ده أي كلام أصلاً