Pages


Tuesday 10 January 2012

لن يبتسم


استيقظ من النوم عابساً يحمل هموم الدنيا و بينما هو يرفع الغطاء شعر بشىء غريب في هذا اليوم بالطبع لم يكن همه أوعبوسه بالغريب فهو جعل من الحزن  صديقه المخلص , و لكنه تجاهل هذا الأحساس  و ارتدى ملابسه و أرتشف قهوته المعتادة  في جرء من ذلك الروتين المقدس القائم علي التكشيرة و القهوة. ثم ذهب ليهيم علي وجهه في شوارع القاهرة المكتظة بالناس و المواقف و الإختلافات. وقف علي المحطة منتظراً الأتوبيس ليذهب إلي أحد مقاهي وسط البلد في محاولة منه للتجديد في يومهِ. و بدء الناس من حوله يغدون و يروحون منهم البائس و الباسم والمتعجل و الهادئ. ففكر لوهله إن هولاء الناس يستطيعون لعب دور أهم في حياته من دور الكومبرس. فقرر أنه لن يركب الأتوبيس و سيتأمل الناس من حوله و يعيش قصة كل فرد. و بالطبع المترو –ليس مترو الأنفاق بالطبع -أو "الترام" هي وسيلة المواصلات المناسبة فليس هنالك أبطئ من هذا المترو المعتمد علي الكهرباء التي غالباً ما تخون العشرة  و تتخلي عنه في منتصف الطريق فسيوفر له الوقت  ليتأمل ركابهُ.فلمح المترو قادم من بعيد ببطء ملحوظ فعبر الشارع بأحتراف ليقفز في المترو متوسط الأزدحام ليجد مكان خالي يناديه للجلوس فقال من هنا ستبدأ الرحلة و ما كاد ينتهي من كلمتهُ حتي سمع شاب في ثلاثينياته يقول لرجل عجوز تركت السنون علامات لا حصر لها علي وجهه و صوته :سايب الفرشة في السوق النهاردة ليه يا حاج؟ فأجاب الكهل بصوت متهدج: أنا سبت مكاني النهاردة للواد رمضان أصل عنده عيال و عايز يدفع المصاريف لمدارسهم إنما أنا عاوز أيه من الدنيا غير الأكل و رضا اللي خلقنا و أبسم قائلاً الحمد الله . فوجدت الأبتسامة طريقاً إلي وجه صديقنا العابس و أدرك أنه رغم بساطة هذا الرجل فقد حقق تكافلاً إجتماعياً و سيساهم في التعليم  و الوعي و كلمات قد لا يدركها و أنه سيغير في حياة شخص يسترق السمع لحديثه فقط لأنه ترك "الفرشه" . و بينما هو يحلل كلام الرجل العجوز لمح فتاة جالسة أمامه مباشرةً تدمع و قد لاحظ أن الدموع تخونها وهي لم تكن تلاحظ هي أن أحداً يراقبها. فأدرك أن دموعها دموع عشق مجروحة و بدأ السباحة في بحر العشاق و تجسدت أمامه أهاتهم و شغفهم وقصص حبه القديم و لكن صوت أحد الموبايلات أيقظه من أحلامه فأدرك ان احدأ ما في هذا المترو وصلته رسالة و من نظرته في عين تلك الفتاة أدرك ان الرسالة لها فقد تبدلت دموعها بإبتسامة جريحة و كأنها تلقت كلمة عشق دافئة بعد هجرٍ قصير. و أخيراَ قرر ترك تلك العلبة الحديدية و نزل في أحد المحطات التي لا يذكر أسمها,و أراد أن يروي عطشه ب" أزازة حاجة ساقعة" فتوجه إلي أقرب كشك و أنتقي اكثر الزجاجات برودة ليشربها وبينما هو كذلك رأي سيدة عجوز تحاول عبور الشارع و السيارات تجعل من عبوره تحدي لمن في مثل عمرها وكان بدا انها قد قبلت هذا التحدي و شرعت في العبور بخطوات مترددة فزادت السيارات من التحدي حتي ترك هو الزجاجة  و عبر الشارع بإحترافه المعهود لساعدها علي العبور و يأخد بيدها, و بعد الوصول للضفة الأخري من نهر السيارات تقول السيدة العجوز ضاحكة و إن كانت تجاعيد وجهها تحكي الكثير: مأنا كنت هعدي لوحدي ده أنا لسه شباب يا وله" فيجيبها بإبتسامة خجولة فتكمل داعيةً : روح ربنا يكرمك و يفرحك و استكملت  طريقها بنفس التحدي  ولكنه لم يلحظها و هي تنصرف لأنه كان يتساءل عن دعوتها. أنا افرح؟! فتوقف به الزمان لوهلة فقد تجسد أمامه الكهل الراضي الشاكر رغم بساطته و الفتاة العاشقة الحالمة و تذكر أبتسامتها رغم مرارة الحب  , وكذلك العجوز التي رأي في عينيها الأصرار و الأمل وعاد به الوقت لأرض الواقع ليلملم بقايا احلامه و يكتشف لما شعر صباحاً أن هذا اليوم سيكون غريباً لأنه اليوم الذي قرر فيه أن..... يبتسم.

Friday 6 January 2012

يا من تسأل


يا من تسأل الحياةَ مفاتيحها و الأسرار
ستضّن بالإجابةِ فمن يسأل الماء النار ؟َ
الحياة رحلةٌ  فترّحل مستمتعاً بعذابِ الأسفار
واستسلم لما هو قدرٌ و انتقى ما هو إختيار
انحنى شامخاً , عاتب صامتاً, فصمتك إعصار
 و لا تودع سرك إلا قاع البحار
فإنها و إن هـــاج موجها لـلأسرار ستار
و استرق أحزانك و إلا صارت حاكماً جبار
تأسر أفراحك,تقتل اَمالك تشعرك الانكسار
فماذا تنتظر لتثور , أما سئمتَ الإنتظار؟
فذاك منزل الأوهام لهُ الوحدة جدار
وما الوحدة إلا ما اصطنعت فهى قرار 
يأخذه العاجز ليحيل ضحكاته أسوار
فيا ابن اَدم ! ما دمعة فشلك إلا شمس النهار
تشرق باسمة لتضىء حلمك بأجل الأنوار

Thursday 5 January 2012

عندما تطلب القسوة الحنان



نظر في المرآة صدفةً ثم استدار لكنه عاد و نظر طويلاً وبينما هو في طريقه إلي مكتبهُ يفكر في هموم العمل و أهدافه تذكر المرآة مرة اخري ولكن تساءل ما كان غريباً تلك المرة كي تشغل المرآة فكرهُ المكتظ ؟ كانت الأجابة ببساطة تلك اللمعة التي لم تعتّد عليها عيناه البنيتان  الداكنتان . ولكن كان المكتب يناديه بأوراقه و أعماله فيتناسي تلك اللمعة حتي  يري عينيه في القهوة و هو يرتشف  رشفته الأولي على مكتبه الخشبي البسيط الذي يصعب الوصول إلى أرضيتهِ بسبب الأوراق المبعثرة , فيريح رأسه علي المقعد الجلدي الوثير ويذهب إلي عوالم تتخطي المكان ويتذكر اللقاء الشتوي البارد حين كان يجلس معها علي ذاك المقهي يرتشف قهوته المعتاده وكان لقاءأً حاداً و تذكر جملتها بالحرف :" شايفه في عينك قسوة غريبه اوي ".ولكنه انتفض حينما تذكر رده علي هذا الاتهام حين قال:" أيوه انا بقيت آسى بس ازاي تشوفي حنيتي بتموت و متصحهاش كانت بتندهلك و هيا بتموت سمعتيها؟" وكانت تعابير وجهها حينها متعجبة مضطربه إلي أبعد حد فهي تعلم تماماً أنه كتوم لا يشكو مستخدماً مصطلحات العشاق و لا يلوم من يُؤلمَهُ , و تذكر جملتهُ الأخيرة قبل أن يرتشف آخر رشفه و يغادر " ليه الحد الوحيد اللي حبيته بدون سبب ميفهمنيش" .لامه الجميع حينها فقد دعته للخروج فقط لتشكو سوء معاملته و اهماله و تفاني اصدقاءه و صديقاته في جمل العتاب مستخدمين بلاغه الشعراء و دقة الخطباء وتذكر ابتسامته الباردة حينها التي لام بها جميع من يعرفهم فلماذا لم يفهم أحداً ان تلك الأبتسامة هي ثورة البركان و عندما عاتبها للمرة الأولي منذ أكثر من عام كان يحذرها ان حنانه بالفعل يحتضر.
و عندما ارادت ان يبعد كل تلك الذكريات و يكمل قهوته التي أصبحت باردة رغم دفء الذكريات  وجد جفونه تنغلق و تجسد له المشهد الوحيد الذي لا يريد ان يراه الأن.. فتذكر تلك الدمعة اللعينة التي نزلت من عيون لا تبكي إلا املاً ولا تشكو إلا شعرأً لم تكن من قتلت حنانه السبب لأن قصتهما مازالت مستمرة و مازالت تلهو علي درب الهوي  ولكن كانت تلك الدمعة ترثي حنانه و شغفه و ترثي معها الأمل الأخير في ان ينفتح قلبه ليحكي و يصور ما يعاني من عالم لا يفهمه. و فضل أن يعيش بحنان ليس من حنانه و أن يحبس أسراره في قلبه العميق. فتنهد بعد أن عرف أن تلك اللمعة هي لمعة القسوة التي شارك الجميع في ظهورها علي عينيه, و عاد ليرتشف رشفته الثانية ولكن تلك المرة عندما رأي أنعكاس عينيه علي القهوة كان قد اعتاد علي لمعتها و عاد للعمل.
خالد أحمد عبد اللطيف
26-11-2011

الطائر الذي علمني



شعر الطائرُ المغرد بأحزاني
فتوقف عن الغناء متسائلاً ما ابكاني
لم أبوح فإني مع أحزاني أناني
احتفظ بها لنفسي و اعشق آلامي
لها في حياتي ساعات و الفرح ثواني
فرأيته يبتسم متعجباً من كلامي
قائلاً اتدري:
تهدم اليوم عشي بعد سنوات من البناء
و لكني طرت معتبراً بيتي ذاك الفضاء
وَجب عليك في الدنيا مصادقة الشقاء
و الرضا بالأقدار و الصبر علي العناء
امسح دمعك و ابحث عن شمس الشتاء
فالحزن ينبوع لن يتوقف عن العطاء
لايكف عن تدمير بيوت الفرح و الهناء
فأجمع قشك وابن عشك فوق السماء
و طار قائلا:
إذا أردتني فإن الفضاء عنواني
عذبه كلمات ذاك الطائر سطرتها بأقلامي
فأنه طائر احب الحياه و جعلني احب زماني
عجباً لم أدرك أن طائراً سيهز كياني
جاعلا مني طائر اعبر عن آلامي بألحاني
فشكرا لك واسمح ان يكون فضائك مكاني

Tuesday 3 January 2012

شوقي لأحزاني



غابت عني الأحزان فافتقدتها
فإني واقع في غرام عذابها
كم اشتاق في الوحدة للمساتها
فكم عليها أبكتني و عليّ أبكيتها
فالدموع نار أعشق دفئ لهيبها
لكن دموعي عيوني مكانها
قلبي سجن أحزاني سامعٌ صراخها
تريد حريتها فهل من سامع لها ؟!
أم صمت آذانكم عن أحزاني وجراحها
ابكي مبتسما فترد الأشجار بابتساماتها
و تغرد هواتفها رافعتاً أصواتها
خدعتهم ابتسامتي لم يدركوا ما ورائها
ورائها آهات يـئن القمر لسماعها
قويه أحزاني استطاعت فك قيودها
لتقهر أفراحي وتزيد آلامي لانتصارها

أحلامٌ ثاملة



كانت له الشمس سراجاً فخمل
و حلمهُ علي درب الآمال قد ثمل
شاعرٌ لأحكام الخضوع ما امتَثل
و ثــار ووقف وقفَة بطل
فوجد النصل موجهاً لجُرحٍ ما أندمل
فينزف الجُرحُ و يَحترق الأمل
عند الضياع عندما يخون النجاح و الفشل
حين لم يدرك فرحاً و حزنهُ ما أكتمل
ابتسم .. وإلي الفراغ ارّتحل
انه شاعرٌ وقف فاللاوجود و ارتجل
فقال:
حين تقترب أحلامك من الحقيقة
قد تموت بنيرانٍ.... صَديقة
برَصاصةِ غُرور أو بحور حزن عميقة
فلا تنظر لأحلامك تلك النظرات البريئة
و إن ماتت .....
أرثها بكلماتٍ جريئة