Pages


Wednesday 11 July 2012

قطرة

لم يكن الجو رائعاً بالنسبة لأغلب الناس في تلك الليلة الشتوية الباردة حين قررت قطرة ماء أن تكسر قوانين السحاب الصارمة و تستسلم للجاذبية و تترك سماءاً ملبدة بالغيوم لتسقط وحيدة لتبدأ رحلة الثواني من السماء إلي الأرض . إن كان من السهل كسر قواعد الغيمة التي تنتمي إليها فكم كان من الصعب مواجهة الرياح بعنفوانها، فكما إستسلمت للجاذبية أستسلمت تلك القطرة للرياح التي أرسلتها إلي أحد ميادين مصر الجديدة المزدحمة نسبياً في هذا الوقت. و ما هي إلي ثواني حتي إقتربت تلك القطرة من الأرض و شارفت حياتها علي الإنتهاء. يالها من قصة تقليدية و نهاية بائسة لقطرة مثلها مثل جميع حبات المطر. و لكن الزمن يأبي إلا أن يُهديها هدية الموت ، فأبطأ الزمن الثوانيها لتمر كأنها ساعات سامحاً للقطرة بتأمل أدق تفاصيل الميدان و حركات قاطنيه و زائريه و سكناتهم. فتلك البناية الهائلة التي كانت تسقط بمحاذاتها تشبعت بالطابع الفرنسي في زخارفها و شبابيكها الطويلة و شرفاتها الواسعة بأسوارها الحديدية المزخرفة، و في إحدي الشرفات جلست إمرأة عجوز تحتسي كوباً من الينسون، يهرب البخار من سطحه، تتابع المارة كما تتابعهم القطرة و لكن لا أحد يدري ماذا رأت تلك المرأة العجوز علي مدار السنوات في هذا الميدان، وعِلمُ ما في جعبتها عند الله و لكن عيناها تخبرك أنها إكتسبت من الخبرات ما لا تُعلّمه إلا الحياة. فكم من عجوز لديه من دروس الحياة ما لا يُشتَري بالمال، و لكن أهملهُ الزمان و زاد الناسُ عليه من إهمالهم و هجرهم. و هناعبرت القطرة الشرفة و العجوز ترتشف رشفة أخري من كوبها الدافئ لتلاحظ فتاة صغيرة ،بشعرها المنكوش و ضفيرتها القصيرة الغير متناسقة التي لا يمنع عقدتها من الإنفراط إلا تلك "التوكة" الخضراء الصغيرة، و قد كان قميصها الوردي تشبع بالبقع، تحاول إقناع المارة أنهم في حاجة ماسة إلي مناديلها التي بدأت تدعو رواد الميدان لشراءها مستخدمة النداء الشهير "مناديل يا باشا.... مناديل يا أنسة... مناديل" و تستعطفهم بنظراتها. تخيل تلك الفتاة في كون موازي أو " برالل يونيفيرس" تستذكر دروسها في الليل و تستمتع بتعليم محترم يبني لا يهدم فيها معالم الإنسانية. فتزداد و عيا و تنمو بالعلم و تننتج أفراد أكثر نفعاً و تحضراً حتي و إن كانو فقراء. و لكن إذا عدنا إلي الكون الذي نحن فيه لا تزال تسمع كلمة " مناديييييل". أقتربت حياة القطرة من النهاية و هي تمر بجانب الأذن اليمني لفتي نحيل في سن المارهقة تاركاً الشنب الأخضر في وجهه ليضيف إلي ملامحه لزوجة غريبة فلا سبب يدعوه للإبقاء علي هذا الشنب .... أو ربما هناك أسباب واضحة متعلقة بالرجولة و النضوج في ثقافتهُ المراهقة ، ومن الممكن أيضا أن يكون شخص كسول ليس إلا فتجاهل هذا الشنب توفيراً للجهد. لم يكن الفتي و حيدا مع شنبه بل تشابكت أصابعه مع أصابع فتاة قصيرة إلي حد ما في مثل عمره ينظر إليها نظرة حانية ليجسدا قصة حب في طور البناء... حب!! بالطبع سينظر مجتمع بأسره إليهما علي أنهما أضحوكة لا يعرفون شيئاً عن العشق و آهاته، ولكنهم مخطئين فمتي كان للعشق بالسن و كانت الأحاسيس تأخذ إذن السنين لتنمو. فالأدعي أن يلوم المستهزئون أنفسهم أنهم لم يحتووا جيلاً عاشق، ثائر فمن واجبهم نشر الثقافة و الوعي العاطفي و عدم كبت المشاعر بل توجيهها لتسمو بالأرواح و المجتمع، فكان وما زال واجبهم الإحتواء و التوضيح لا القمع و الإستهزاء. و من يدري كم من ساعات أو سنين أمام هذه العلاقة الضبابية؟ .... بضع سنتيمترات و تنتهي حياة القطرة و لكن يسمح الزمان لها بمشهد أخير؛ فتاة جالسة في" الكافيه" علي الجهة الأخري تحتسي كوباً من القهوة المثلجة بالكراميل ليس العجيب هو القهوة المثلجة في هذا الطقس الشتوي الغريب و لكن فتاة خرجت في هذا الجو لتستمتع بقرأة كتاب فلسفي بحت منفردة به علي المقهي  توقع منها أي شيئ.... كم سيكون المجتع جميلاً حين يُدمن أفرادهُ القراءة، و لكن نحن في مجتمع أدمن كل شيئ حتي "الكولّا" إلا القرأة. لامست القطرة الأسفلت المبتل و تلاشت  و هي مشفقة علي البشر الذين يعشون سنوات و لا يتوقفون لدقائق فيتأملوا ما حولهم من قصص و حكايات قد تغير حياتهم و لا ينظرون لمشاكل مجتمعهم نظرة أكثر عمقاً و يتحمل كل فرد تلك المشاكل كأنها مشكلتهُ الخاصة . و بالطبع لم تنسي أن تشكر الزمن علي هديته التي جعلت حياة الثواني أكثر ثراءاً من حياة السنين.   

Monday 2 July 2012

هو


هو اللي بيبكي و يرمي الإفيه
هو اللي بيضحك و الدمعة في عينيه
هو البردان اللي بيدفي اللي حواليه
                                   هو اللي بيجاوب و يسأل ليه؟                  
فاكر نفسه ضاحك علي الدنيا..
و هي اللي ضحكة عليه
هو أصلاً ميعرفش هو ايه
هو مَعرفش يحب و لا يكره و لا....
 يفرح
هو اللي لا بالعامية و لا الفصحة عِرف يشرح
هو اللي لا عِرف يجمع ولا يطرح
هو خروف بقرون  مبيعرفش ينطح
هو القاسي اللي مبيعرفش يجرح
هو عامل مركزمع أنه علطول بيسرح
هو مبيعرفش يعوم بس في أفكاره بيسبح
و في عز حزنه بيصلي و يسَّبح
إنه يعرف هو ايه.. محال
يعرف إزاي و هو بيجاوب السؤال....
بسؤال
  هو من الآخر زبداية مكس
جواة كل حاجة و العكس